كلمة محمد الطبراني عن فضيلة الشيخ العلاّمة الدكتور أحمد شوقي بنبين
هذه كلمة للدكتور محمد الطبراني، وهي في الأصل مداخلة كان من المفترض أن يلقيها فترة محاضرة الدكتور العلاّمة أحمد شوقي بنبين “دور المكتبات في تكوين الباحث المبدع” ؛ ولكن حالت الظروف التقنية دون ذلك، وهذا نصها:
أيها السادة الأماثل:
حِيزَ لي بحمد الله شرفُ الإفادة عنْ أستاذنا عالم المخطوطات د. أحْمد شوْقي بنبين زيّداً على عشرين سنة، لقِنْتُ فيها عنْه صُنوفاً من التّصْحيحات والتّنْبيهات وتقْويمِ الاصطلاح وتسديد المنهج ما لم أجدْه في كتاب، أوْ لمْ يسْتقمْ لي وجْهُ فهْمِه على السَّمْت الصائب إلاّ منْ سبيلِه، بل ما كان للفيفٍ من نخْبة الباحثين والعلماء في صُقْعنا المغربي وغيْرِه أن يقْتحموا مدارات الكوديكولوجيا وعوالمَها الرّحْبةَ الْوسيعة، وأنْ يوفّوا الجانبَ الماديَّ من المخطوطِ حقَّه، ويرفُدوا بذلك حركةَ التحقيق النقديّ، لولا أنْ فتّح الأستاذُ مغاليقَ أعْيُنِهمْ على ذلك، ويكْفي استقراءُ ما تمّ تحقيقُه من نصوصٍ أندلسية ومغربية ومشرقية في العقود الأخيرة في الجامعات المغربية وما ينوبُ منابَها، ليطالعك اسم الأستاذ مناقشا أو مصححا أو هاديا إلى النسخ أوْ مقوّماً للمنهج، أو مُسْعفا بكل ذلك.
وهو عدا ما لا يخفى على عامّة العلماء بلْه خاصّتهم من رسوخه في العلْم والِحلْم، واحدٌ منْ رجالات مرّاكش الْأفْذاذ: رجلٌ لمْ يزلْ يترقّى مُذْ عرفْتُهُ في مدارج الصّلاح، متينُ الْإِلْف حين يتلوّنُ النّاس، سليمُ الصّدْر حين تَجُوسُ الظّنّةُ في خبايا النّفوس، لـم يَرِمْ عنْ نفْع أهْل الْعلْم وطلبتِه ولا هُرِعَ لسواه، ما صَرَفَه عنْ سَبيله صارف، ولا نال منْ همّته موافقٌ أوْ مخالف….وإلى مثْلِه يُصْرفُ قوْل أبي نُخَيْلَةَ الْـحِمّاني:
شكرْتُكَ، إنّ الشُّكْرَ حَظٌّ من النُّهى
وما كلُّ مَنْ أوْليتَهُ نعْمة ًيقْضي
وأحييْتَ لي ذكْري؛ وما كانَ خامِلاً
ولكنَّ بعْضَ الذّكْرِ أَنْبَهُ منْ بعْضِ
حفظ الله مهجته، وأدام بهجته.